دب الخلاف والتنافس بين حكام الأندلس من المسلمين ، بل وصل بينهم إلى الحد
الذى دفع بعضهم إلى الإستعانة بالأعداء ضد إخوته وأبناء وطنه وعم الخوف والهلع
بين سكان الأندلس بسبب الإضطرابات والحروب بين حكامها مما شجع الأعداء على
غزوهم ، فاستطاعوا أن يستولوا على أراض واسعة ومدن زاهرة ، أهمها مدينة طليطلة
التى كانت تقع وسط الأندلس ، ولم يكن فى قدرة دول الطوائف الدفاع عن البلاد وحمايتها
من الغزو الأسبانى الذين تحالفوا مع الفرنجة من الإيطاليين والفرنسيين ، لذلك إتجهوا إلى
طلب العون والنجدة من القائد الفذ مؤسس دولة المرابطين فى المغرب يوسف بن تاشفين الذى
إستجاب لطلبهم ولبى النداء ، وقرر نجدة الأندلس وأهلهاالذين كانت تحيط بهم الأخطار من كل
جانب وكان رجلاً تقياً مطيعاً لأوامر الله ، وتتابع وصول قوات المرابطين من
جميع أنحاء المغرب وعلى رأسهم القائد يوسف بن تاشفين الذى كان عمره آنذاك
ثمانين عاماً ، وعندما علم الفونسو السادس ملك أسبانيا بعبور إب تاشفين وجيوشه
إلى الأندلس أرسل يستنجد بحلفائه من ملوك أوربا وتتابعت لنجدته الجيوش من إيطاليا
وفرنسا وغيرها ، وقبل القتال بعث إليه يوسف بن تاشفين يدعوه إلى وقبل القتال بعث
يوسف بن تاشفين إلى الفونسوالسادس يدعوه إلى الإسلام والكف عن الإعتداء عن المسلمين
.
وإلا فإنها الحرب فأجابه الفونسو بكتاب غليظ فيه تهديد ووعيد وتأهب الفريقان للقتال فى مكان
يعرف بالزلاقة فى وسط الأندلس ، وقبل نشوب القتال حاول الفونسو أن يخدع المسلمين فأرسل
إليهم رسالة قال فيها *إن غداً يوم الجمعة وهو عيدكم وبعده السبت يوم اليهود وهم كثير
فى بلادنا وبعده الأحد هو عيدنا ، فيكون اللقاء يوم الإثنين * . وعقد يوسف بن تاشفين
مجلس المشورة الذى يضم كبارالقائد الفذ يوسف بن تاشفين العلماء والقواد وأهل الرأى وعرض
عليهم رسالة الفونسو فأجمعوا على أنها خدعة واتفقواعلى إرسال أفراد لإستطلاع أخبار العدو
وتأكد لهم صدق توقعهم وأعلنوا الإستعداد فى تلك الليلة ويدل ذلك على إرتفاع الحس
الإستراتيجى لديهم وكان ذلك تصديقا لقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ
فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا} (71) سورة النساء ودارت المعركة التاريخية صباح
يوم الجمعة 12 رجب عام 479 هـ /23 أكتوبر 1086 م واشتد القتال بين الفريقيين
وترك المسلمون مواقعهم فى بداية القتال ، ثم تقدم يوسف بن تاشفين بقوات من الإحتياط
التى إدخرها لهذه اللحظة وداربهم خلف خطوط العدو واقتحم معسكرهم ومركز تمويلهم
مباشرة واستطاع أن يهزم الفونسو وجيوش أوربا ويستولى على معسكرهم ونجا الملك الفونسو
من الموت بصعوبة وسلمت الأندلس لأهلها واستمرت الحضارة الإسلامية بعد هذه المعركة
قرابة الخمس قرون
المصادر
- محمد عبدالله عنان : دولة الإسلام فى الأندلس
- شكيب أرسلان : تاريخ غزوات العرب
- أحمد أمين : ظهر الإسلام