Admin Admin
عدد المساهمات : 154 تاريخ الميلاد : 23/10/1970 تاريخ التسجيل : 22/06/2010 العمر : 54 الموقع : ميزة سوفت
| موضوع: هل يزور وزير الأوقاف المصرى الأقصى امتثالا لاتفاقية السلام؟ الأحد يوليو 25, 2010 4:07 pm | |
| لايزال الحديث عن زيارة الأقصي تثير الجدل ،وعندما أثارها الشيخ طنطاوي قبل عدة أعوام
كانت نية اسرائيل في تهويد القدس ليست بهذا الوضوح القاسي ولذلك فان ترحيب وزير الاوقاف
بزيارة الاقصي تثير جدلا أشد ومن حق الجميع أن يدخل هذا الجدل بأدبياته المعروفة.فالحديث
عن زيارة المسلمين من خارج فلسطين للمسجد الأقصى لدعم الشعب الفلسطينى وصموده تواتر
طوال العقد الأخير من القرن الحالى، تارة من جانب الشيخ طنطاوى شيخ الأزهر السابق، أو
من جانب د. زقزوق وزير الأوقاف المصرى منذ سنوات. ثم دخل مجمع البحوث الإسلامية
على خط جدار مبارك الفولاذى فأعلن برئاسة الشيخ طنطاوى أن هذا الجدار مطابق لأحكام
الشريعة الإسلامية ومن نكره كان آثما قلبه. وقد علقت على مثل هذه المواقف فى حينها، وكان
رأيي أن المشايخ لايدركون المدلولات السياسية الخطيرة للأحداث، وعليهم أن يظلوا بالدين
بعيداً عن التورط بالجهل أو بالايحاء فى مواقف سياسية شائكة. ولكن الأمر أحياناً يتعدى
مجرد الاجتهاد السياسى لرجل الدين، خاصة كلما تعلق الأمر بإسرائيل، فكلما كانت علاقة
إسرائيل حميمة مع مصر وهى كذلك للحق منذ سنوات قليلة على الأقل فى الممارسات
الرسمية وبشكل أخص منذ توحش إسرائيل وتسريع وتيرة الاستيطان والتهويد والاقتراب
من الأقصى ومقدسات الخليل ثم استهداف قطاع غزة بمحرقة العام الماضى، كلما كانت
مواقف المشايخ وقادتهم محل شك، إذ من الوارد أن تكون هذه المواقف طلباً مباشراً من
الحكومة وليس مجرد اجتهاد أغرتهم به دقة المواقف وخطورتها.وبالنسبة لوزير الأوقاف
بالذات، فإن الرجل درس فى ألمانيا ونال قسطاً من الثقافة السياسية بزواجه أيضاً من ألمانية
ومشاركاته بحكم دراسته فى محافل ألمانية وأوروبية تعصمه من الاتهام بعدم الإدراك
السياسى. ولكن مقارنته فى سبيل تسويق فكرته بين إسرائيل وكفار مكة، وبأن الرسول
الكريم لم يجد حرجاً فى استئذانهم لدخول مكة، وأن حصول الوزير على تأشيرة إسرائيلية
ليس عيباً مادامت هى صاحبة المكان، هذا التشبيه الذى سيق على سبيل تبرير الزيارة أو
تسويقها ينطوى على مخاطر عظيمة. أولها، أن الوزير لم يكتفى بأنه مقتنع أو مقنع بالزيارة
وأن هدفها هو مصلحة الفلسطينيين، وإنما فى تشبيهه إغواء للعامة وكسر لحاجز الرفض
وتمثل برسول الله فى سابقة تشبه فتوى شيخ الأزهر أيام السادات عندما شبه معاهدة السلام
بين مصر وإسرائيل بصلح الحديبية. وثانى هذه المخاطر أن التشبيه يعطى إسرائيل من
وزير فى الحكومة المصرية الحق التاريخى والمطلق، فالكفار هم أصل مكة وأما المسلمون
الذين يقابلهم فى المثال الفلسطينيون هم الوافدون المحدثون بدعواهم، فأساء المثال بذلك إلى
الرسول وإلى القضية فى آن واحد، خاصة وأنه عند العامة من العلماء وقيادات الرموز
الدينية والإسلامية، وهو بعد ليس شيخاً معماً يلتبس عليه الموقف، ولكنه أستاذ للفلسفة
الإسلامية ومدرك للنظر العقلى عند ابن رشد وغيره، فيكون التشبيه فى حالته بعيدا عن
العقوية. الخطر الثالث هو أنه يأتى فى وقت يلعن فيه وزراء إسرائيل أقرانه فى حكوماتها
المتعاقبة العرب والمسلمين ويدعون الحق فى كل فلسطين.الخطر الرابع، أن هذا الموقف
بالذات وهذا التشبيه بعينه ينسجم مع الحالة السياسية فى بعض الدول العربية فى وقت يتم
فيه تصفية القضية، فيصبح التشبيه أداة على الأقل عند إسرائيل التى احتفت به وأثنت على
السيد الوزير للتأكد من أنها تسير على الطريق الصحيح. فهل خدم الوزير القضية بمجرد
التصريح والتبرير أم أنه مصر على الزيارة كفاتح للقدس ومخلص لها من الأوثان. وهل
وسيكون الوزير أسعد حظاً من أحمد ماهر وزير خارجية مصر السابق عندما ضرب بالنعال
فى المسجد الأقصى وكاد يقضى لولا أن لله رأياً آخر وضنا عليه من أن يشرف بالموت فى
رحاب المسجد الأقصى المبارك.إننى أخشى أن يبرر وزير الأوقاف زيارته للأقصى بأنها هى
الأخرى من التزامات معاهدة السلام مع إسرائيل بعد أن أسرفت حكومة مصر فى رد كل
تصرفاتها فى الداخل والخارج إلى هذه المعاهدة المقدسة؟!.يجب أن نميز بين المواقف
الرسمية وغير الرسمية فيما يتعلق بفكرة الزيارة، فيظل الكاتب صاحب رأى نختلف حوله
مؤيدا أو معارضاً مادام قد تنزه عن الهوى السياسى أو الأيديولوجى أو المادى، ولكن موقف
الوزير له على ما ذكرنا مخاطره وإغواءاته.فقد أيد البعض مثل د. حسن حنفى مثل هذه
الزيارة وربما يؤيدها غيره ولايعد ذلك كفراً بالقضية، ولكنها رؤية قد تخطئ وتصيب، أما
أن يصر عليها الشيخ الهباش وزير أوقاف السلطة، ووزير أوقاف مصر، فإن الأمر يختلف
جذرياً خاصة أن موقف الحكومتين فى مصر ورام الله متوافق تماماً عندما يتعلق الأمر
بإسرائيل وبحماس. فلايجوز أن يتم فرز المواقف الأخرى غير الرسمية على أنها دعم
لحماس أو لفتح، وإنما يجب على المؤيدين للزيارة تقديم إيضاح تفصيلى بمزاياها. وقد سبق
أن جوزت مثل هذه الزيارات إذا كانت تتم مع عمان وبتنسيق بين الأردن وإسرائيل للدخول
من مطار عمان وصولاً إلى الأقصى ودون ترتيب للزيارات الرسمية مع الجانب الإسرائيلى
فهل يلبى هذا الحل رغبة وزيرى الأوقاف فى رام الله والقاهرة، أم أنهما يصران على إعطاء
إسرائيل مزايا وبركات تكون تصريحات الوزير المصرى فيها أخطر علينا وعلى القضية من
الزيارة نفسها .لقد ذهب الطنطاوى إلى رحاب ربه ليحاسبه على ما أخفت نفسه وليت الأموات
يرسلون إلى الأحياء لعلهم بلقاء ربهم يوقنون.بقلم السفير د. عبدالله الأشعل | |
|